صندوق النقد الدولي
صندوق النقد الدولي، هو مؤسسة مالية قامت على مبدأ القروض والتمويل للدول التى يحدث فيها انهيار لعملتها الوطنية نتيجة لاضطرابات داخلية وخلافه.
يتكون الصندوق من (190) أى مائة وتسعون دولة هم الأعضاء فى الصندوق والمكون الرئيس له، وهى ذاتها تعد جزءا من تمويل الصندوق أو العكس من خلال الاستدانة تبعا لظروف كل دولة، ولكن تعد الولايات المتحدة الأمريكية المصدر الرئيس لتمويل هذة الؤسسة النقدية العريقة.
بدأت أعمال الصندوق فى الأول من عام (1945) ميلادية وذلك بعد التفكير فى انشاء هيئة لمعاونة الدول الأقل دخلا، وفى الغالب تكون الدول الفقيرة والأقل فقرا هى المسارات الأكثر شيوعا لتمويل صندوق النقد.
تسعى الدول والتى لديها تشوه فى الاقتصاد الى الاستدانة من صندوق النقد الدولى فى المقام الأول للسيطرة على التضخم، ولكن وفى الغالب قد يضع الصندوق شروطا مجحفة كتعويم العملة الوطنية ما قد يؤثر على الاستثمار، وفى بعض الأحيان قد ترفض بعض الدول هذة الشروط.
رفض شروط صندوق النقد لم يأت من فراغ أو من قبيل الصدفة، ولكن الدول التى خاضت مثل هذة التجارب قد عانت كثيرا، فليس اللجوء لهذة الهيئة أو تلك المؤسسة الملاذ الآمن للدول، بل ان اللجوء للصندوق يكون اضطراريا لعلاج ارتفاع الأسعار والسيطرة على مستويات التضخم الحاصلة.
فليس صندوق النقد الدولى هو (منقذ) الشعوب بل هو احدى الأدوات والتى تستخدمها القوى الكبرى فى السيطرة على دول العالم النامى، ويحضرنا فى ذلك مثال بسيط ذلك والذى يبدو فى التجربة |(الصينية) تلك والتى أصبحت دائن للعالم فى الغالب الأعم، ولكن الفارق أن الصين هى التى تمنح الدول القروض التمويلية مباشرة ودون مؤسسات وسيطة.
لكل دولة من دول العالم مندوب لدى الصندوق، اذ تعمل مجموعات المجتمع المدنى مع ذلك الشخص والذى يمثل صندوق النقد فى البحث عن أهم المشكلات، ومن خلال تحديد العقبات الاقتصادية تلك والتى قف عقبة فى طريق الاصلاح يبدأ الصندوق فى رسم ملامح السياسات والتى سيسير وفقا لها مع الحكومة.
تساعد هذة الجهات وبقوة فى اعطاء تقرير مفصل للصندوق حول أهم المشاكل التى تواجه الاستثمار فى هذا البلد، ولكن قد لا يرتكزاليها كثيرا حيث يقوم أعضاء الصندوق فى البحث عن التلك المشاكل وأليات الحل، ذلك والذى قد يستغرق وقتا بحسب ظروف كل بلد وما آلت اليه الحالة الاقتصادية.
يتم دراسة الحالة الاقتصادية لأى دولة وتشخيص الأسباب والتى قد أدت الى تدهور الوضع المعيشى، وعلى هذا الأساس يبدأ صندوق النقد فى وضع أليات للعلاج تلك والتى تتمثل فى تحقيق مبدأ الشفافية فى توزيع الدخول، لماذا؟ وهل لصندوق النقد صلاحيات للتدخل فى شئون الدول.
نعم ولكن ليس بالمعنى الحرفى، ويهدف بالأساس الى الوقوف على الأسباب والتى قد أدت الى حدوث اضطرابات اجتماعية، تلك الاضطرابات والتى على أساسها ساء الوضع المعيشى، ذلك والذى كان أحد الأسباب القوية فى توقف العمال عن العمل وحدوث حالة من الشلل فى قطاعات عدة فى الدولة.
كان نتيجة لذلك نشأة ما يسمى بالاضرابات العمالية وتوقف المصانع وتوغل الفكر التدميرى نحو الحكومات نتيجة لانعدام العدالة الاجتماعية ومبدأ المسارواة، ينشأ جيل من الشباب ناقما على الوضع والذى قد بلغ أوج الفساد والانحلال نتيجة لعدم الشفافية فى توزيع الثروة.
هل من الممكن القول أنه منقذا فى مثل هذة الحالات؟ نعم، ولكن ليس فى كل الأوقات حيث أن الاعتماد على القروض والسلف ما هو الا دين يدفع ثمنه أجيالا قادمة، ولكن فى حال انهيار العملة فقد يكون اللجوء الى صندوق النقد (علاج وقتى) أى علاج مؤقت أو ما يطلق عليه (مسكنات) فقط.
افضل قالب بلوجر مجانى مقبول مع طريقة التركيب بالتفصيل | دورة بلوجر 2023
تصبح شروط صندوق النقد الدولي هى القول الفصل فى هذة القضية، ان تهميش العملة مقابل العملات الأخرى، ترشيد الانفاق، التقشف ..الخ، تعد من بين شروط صندوق النقد الدولى، ولعل من بين هذة الشروط المجحفة هوتقليل أعداد العاملين فى القطاع الحكومى ما قد يؤثر بالسلب على ألاف الأسر.
وهناك الكثير والكثير من الدول والتى لم تلجأ أبدا الى هذا الأسلوب فى علاج تشوهات الاقتصاد، فالصندوق قد قام على فكرة واحدة مؤداها اضعاف الدول وتحويلها الى دول تابعة، وهذة الدول هى ذاتها والتى تمتلك من الكوادر الاقتصادية والتى تقوم بوضع استراتيجية جيدة للخروج من مثل هذة الأزمات.
تعتمد هذة الدول على مصادر أخرى غير اللجوء الى هذة المؤسسة المالية فى أخذ القروض والاستدانة لسنوات طويلة، فقد تعتمد على التدفقات النقدية والقادمة من الخارج من أبنائها العملين فى دولا أخرى، الاعتماد على الموارد الذاتية والطبيعية للدولة واستغلال المورد البشرى والمتمثل فى الأيدى العاملة.
الاستثمار فى مجال الزراعة واستحداث أفضل النظم فى اكتشاف أنواع التقاوى والتى تعطى أفضل انتاجية، تستخدم الحكومة فى ذلك أعلى الوسائل التقنية فى اختبار أفضل الحاصلات الزراعية، والاعتماد كذلك على بعض المحاصيل والتى توفر فى استخدام المياة، خاصة مع مشاكل ندرة المياة والجفاف والتصحر والذى بدأ يواجه دول عدة حول العالم.
أضف الى ذلك الاهتمام بالبنية التحتية فى مجالات الصناعة والتجارة والاستثمار فى مجال الحرف اليدوية، تلك المجالات والتى تعد مناخ خصب للاستثمار وخلق فرص العمل وزيادة الانتاجية، ان تلك الدول والتى قد رفضت الاستدانة من صندوق النقد الدولى قد عبرت تلك المحنة وبنجاح.
ترشيد الانفاق أحد الطرق الناجحة لهذة الدول والتى نجحت فى العبور بنجاح والتغلب على مشاكلها الاقتصادية، فتقليل النفقات وذلك من خلال الغاء بعض التمويل على بعض المشروعات والغير ضرورية لحين العبور من الأزمة، فهناك بعض مشاريع البنى التحتية على سبيل المثال تلك والتى شرعت الحكومة فلى اقامتها.
فمن خلال الغاء بعض من هذة المشروعات وبصفة مؤقتة وتوجيه التمويل فى مسارات أخرى ضرورية كتحسين أجور العمال، الانفاق على الهيئات الخدمية كقطاع الصحة والتعليم وغيرها من المشروعات والتى لا غنى عنها، وفى هذا الصدد يأخنا الحديث عن سلوك المستهلك فى هذة الدول.
فترشيد الاستهلاك بالنسبة لعادات الناس فى المأكل والملبس والمشرب ينبغى أن تعطيه الدولة أولوية، الى جانب الأفراد والمؤسسات الاعلامية فى نشر حملات توعية بأهمية ترشيد الاستهلاك وما سيعود به من نفع على الجميع.
وهناك كذلك من الدول والتى قد نجحت فى التغلب على التضخم وارتفاع الأسعار وعلاج مشاكل عدة، ومن هذة المشاكل تحقيق مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية بين أفراد ذلك المجتمع، فأخذت فى اقامة تبادل تجارى مع الدول المجاورة وذلك من خلال سد الفجوات التمويلية فى هذة البلدان والتى لديها فائض منها.
وبهذا الأسلوب استطاعت تلك الدول فى تحقيق التكامل وتعويض النقص فى موارد معينة لديها من خلال هذة البلدان، فبدأت فى تحقيق (تبادل المنفعة) بينها وبين تلك الحكومات واستغلال أفضل النظم، فلماذا نرضخ لشروطه فى تحقيق هذا المبدأ ولدينا فى ذات الوقت من الامكانات مايؤهلنا لتحقيق ذلك.
وهناك كذلك أمورا أخرى مهمة جدا فى هذا الصدد، فعندما يكون هناك بلد ما على علاقة طيبة بل وجيدة بالدول والأقطار المجاورة، فقد يكون ذلك دافعا لاقراض هذة الدولة عند حدوث ارتفاع فى الأسعار وزيادة نسب التضخم لأى سبب، وقد يكون القرض فى هذة الحالة عبارة عن قرض وبدون فوائد توضع فى البنك المركزى.
وهذا يعنى أن منح احدى الدول قرضا وبدون أية فوائد لاحدى الدول والتى تربطها بها علاقة طيبة، فهذا ينم عن قوة العلاقة بين هاتين البلدين ومتانة أواصر الصداقة والتقدير المتبادل بينهما، وقد يتطور الأمر الى اقراض هذة الحكومة أو الدولة ب(منحة مالية) أو ما بطلق عليها منحة لا ترد.
ولا يتم هذا الا فى حالة الدول الصديقة تلك والتى تربطهما علاقات صداقة قوية والوقوف جنبا الى جنب أوقات الأزمات، ولكن فى أغلب الحالات تتحمل الدول النتائج المترتبة عن أحوالها الاقتصادية السيئة، وهذا ما حدث بالفعل مع دول كثيرة كالبرازيل والأرجنتين وغيرها من دولا أخرى.
ونحن فى قطوف ما أردنا الا أن نلقى نظرة ولو بسيطة على صندوق النقد الدولي وما هى أهدافة، فتلك الهيئة أنشأها الغرب لتحقيق أهداف أعمق مما قد يتخيل البعض، ان الاهتمام والاعتماد على الموارد الذاتة للدول هو الهدف الأفضل والطريق الأقصر لتحقيق أفضل استثمار.
والخروج من معضلة التضخم انما يأت من استغلال موارد الدول أفضل استعلال خير من الاستدانة، ان الصندوق يعد احدى أشكال الاحتلال، فالسيطرة على الشعوب قد يأخذ أشكالا عدة والتى من بينها الحروب والحصار الاقتصادى للدول، وكذلك منع كافة أشكال الامداد تجاه الأقطار والتى لا تنصاع الى أوامر القوى العظمى.
خلاصة
لم تنجح الدول التى اعتمدت على صندوق النقد الدولي فى بناء اقتصادها، وهناك من التجارب والتى خاضتها كثيرا من الدول والتى كانت مثالا سيئا فى هذا الصدد، فالدول التى تعرف أن اللجوء للصندوق هو بداية انهيار فأخذت العظة والعبرة من ذلك، فطريق الاصلاح انما يأت من خلال الاعتماد على الموارد الذاتية للدول ودون غيره.
بين قوسين/ هل يُعد صندوق النقد الدولي نعمة أم نقمة على الدول؟
شرفنا بتواجدكم معنا.. تعليقاتكم بناء ونهج نسير عليه