تضخم اقتصادي وإعادة ترتيب أوراق

تضخم اقتصادي

تضخم اقتصادي، ويعني مناخ إستثماري غير جيد مع إستمرار حالة من فقدان الثقة بالإستثمار نتيجة لتدهور الأوضاع السياسية والإجتماعية والإقتصادية. عندما يضطرب مناخ الإستثمار نتيجة لأوضاع سياسية وإقتصادية وأجتماعية سيئة فيحدُث حالة من إنعدام الثقة، وهذة الثقة إنما تأت من خلال وجود تهميش للعُملة وتدهور إقتصادي حاد.

ما هو مفهوم التضخم في الاقتصاد؟

التضخم هو إنخفاض القوة الشرائية للعملية المحلية مقابل سلة من العملات الأجنبية، حيث تصبح العملة الوطنية غير ذات قيمة تذكر كقوة شرائية. يئِن المواطن تحت وطأة الفقر نتيجة لضعف الإقتصاد، فقد تنشب كذلك الصراعات والإضطرابات الإجتماعية وهجرة الكوادر إلى الخارج.

مواجهة حتمية

وبالحديث عن التضخم الإقتصادي فنحن إذن بصدد مواجهة شرسة مع إرتفاع جنوني في الأسعار، حيث أن الإرتفاع المستمر والمتغير في وتيرة الحياة بصفة عامة يُنذِر بكوارِث على جميع الأصعدة. إن نمط الحياة والذي نشهده اليوم، ربما يؤشر إلى أن العالم على موعد مع أمر جَلَل.

حالة من الضبابية الإقتصادية

وعلى ما يبدو أن ذلك الأمر ربما يتمثل في شبح التضخم، حيث يوجد هناك حالة من القلق والذي يخيم على مناخ الإستثمار بصفة عامة. إن رفع الفائدة وإنتهاج ساسة نقدية تشددية من قبل الولايات المتحدة يؤثر بالتأكيد على بيئة الإستثمار.

ما هو التضخم وما هي أسبابه؟

هناك ممارسات عدة كذلك ربما تؤثر في إرتفاع نسب التضخم الإقتصادي العالمي، فإلى جانب رفع الفائدة والتغيرات الجيوسياسية والإضطرابات الإجتماعية، فهناك أسباب أخرى تؤدي بالضرورة إلى حدوث التضخم. 

البنوك المركزية

باديء ذي بِدء، وقبل الخوض في أهم تفاصيل أسباب حدوث التضخم، فيأخُذنا الحديث وبسرعة أولاً إلى مجموعة من الإجراءات الإقتصادية والإستبقاية لتدارك مخاطر التضخم الإقتصادي قدر المستطاع. إن السياسة النقدية والتي تتبعها البنوك المركزية ما هى إلا أحد أهداف إقتصادية للدول.

تبدأ البنوك في البدء في إتخاذ مجموعة من الإجراءات والإصلاحات الإقتصادية المهمة في تلك الفترة، تنظر أولا على حالة السوق ومستوى الأسعار ثم تبدأ في إتخاذ قرار بشأن الفائِدة. تراعي البنوك المركزية للدول مستويات التضخم وبما لا يتعارض مع مصلحة المواطن أو الإضرار بها.

عوامل وأسباب عديدة ومتنوعة أدت إلى إرتفاع الأسعار خلال السنوات القليلة الماضية وحتى الأن، فنذكر منها على سبيل المثال مجموعة منها:

الإنفاق الإستهلاكي

أحد أهم دعائِم حدوق التضخم، والمقصود بالإنفاق الإستهلاكي وبأسلوب بسيط هو ما يتم إنفاقه على حاجات المواطن الأولية من مأكل، ملبس، مشروبات.. إلخ. الحاجات والمتطلبات الأولية والأساسية للإنسان والتى لا يمكن الإستفناء عنها تعد العامل الأول في الإنفاق.

كيف تحافظ على أموالك في التضخم؟

تلك المتطلبات والتي ليس الإنسان في غنى عنها ولا يمكن تأجيلها، حيث نجد أن القطاع الإستهلاكي يواجه ضغوطاً كبيرة نتيجة:

1. التشديد النقدي.
2. إرتفاع في وتيرة الإسعار.

يأتي تباظؤ معدلات التضخم نتيجة للعوامل السابقة والتغيرات العالمية المتلاحقة، أذ تؤثر الصراعات بين الدول على حال الإقتصاد ككل لاشك. مجموعة من الأسباب تلقي بظلالها وبتأثيرها المباشر على الإستثمار.

سلاسل التوريد

ونتيجة لهذة المتغيرات يبدأ الإقتصاد العالمي في الوهن والضعف، حيث يُصاب بالتدهور شيئاً فشيئاً نتيجة لتعطل سلاسل الإمداد هى الأخرى. تتوقف حركة التجارة العالمية نتيجة للكساد والذي يصيب مفاصل الإقتصاد العالمي في مقتل.

الضغط على العملة

إستمرار التدهور الإقتصادي يلقي بظلاله على العملات المحلية للدول، فيبدأ التضخم الإقتصادي  وإرتفاع الأسعار في الضغط على العملة المحلية ما يؤدي إلى تهميشها وفقدان جزء كبير من قيمتها أمام العملات الأخرى.

في ماذا يؤثر التضخم؟

الزيادة السكانية

تلتهم الزيادة السكانية معظم موارد الدولة في ظل عدم وجود تنمية، فكلما زاد التعداد السكاني كلما زاد من الضغط على الموارد وما يؤدي بدوره إلى تفاقم العجز. تَستغل الدول الكبرى والمتقدمة العامل البشري في الدفع بزيادة الإنتاجية، حيث تعتبر تلك الشعوب العنصر البشري محور عملية التنمية.

الدين الداخلي

ويتمثل في إستدانة الحكومة من المواطنين ممثلاً في طرح شهادات وأوعية إدخارية عدة، ويتجلى ذلك في أدوات الدين الحكومي فى السندات وأذون الخزينة.. إلخ. تطرح الحكومة هذة الأدوات من لال البنوك لجمع أكبر قدر من السيولة. تعد الأموال والتي عملت الدولة على جمعها من المستثمرين بمثابة دين مستحق عليها.

كيف يتم القضاء على التضخم؟

الدين الخارجي

ويتمثل في القروض والتي تقوم الحكومة بإستدانتها من الخارج لسد عجز الموازنة، إضافة إلى علاج التشوهات الحاصلة في الإقتصاد ودعم الإحتياطي النقدي، إلى جانب كذلك التوسع في إقامة المشروعات الإستثمارية وخلق فرص عمل.

الإفتقار إلى الكفاءات

ما يُفاقم العجز كذلك عدم وجود خبرات مدربة في شتى المجالات، تجارة، صناعة، زراعة، تعليم، صحة.. إلخ. إن إفتقار الأمم والشعوب إلى عنصر الكفاءات وذوي الخبر يعد من بوادر الإنهيار الإقتصادي وإرتفاع مستوى التضخم..

الأوبئة

إن ظهور وإنتشار الأوبئة والأمراض الفتاكة أحد دعائم إرتفاع التضخم الإقتصادي الحاصل، فلقد عانى العالم الأمرين خاصة ما حدث مع ظهور (كوفيد 19) وغيره من الأوبئة والتي حصدت أرواح كثيرين. إن موت ملايين البشر نتيجة للأمراض المزمنة والمعدية يؤثر بدوره على الإقتصاد لا شك.

تجلى مظاهر هذا كذلك في فرض إجراءات الإغلاق ومنع السفر من بلد إلى أخر، إلى جانب فرض إجراءات الحجر الصحي على معظم دول العالم ما كان له بالغ الأثر على الإقتصاد. يجد التضخم في ظل هذة الأثناء أرضاً خصبة لينمو ويترعرع، حيث يحدث إرتفاع غير مسبوق في أسعار السلع والخدمات.

ما هي اضرار التضخم الاقتصادي؟

للتضخم الاقتصادي مضار عدة، تلك والتي من بينها العمل على خلق بيئة إستثمار غير جاذبة. إن تعطل العمل والإنتاج وتوقف المصانع عن القيام بدورها خيؤ دليل على التضخم. إن التضخم هو الخطر الداهم والمحدق بإقتصاد أي دولة كانت، لذا كان من الضروري منح ذلك الموضوع أولوية قصوى خاصة مع المتغيرات الجيوسياسة المتلاحقة هذة الأيام.

الإقتصاد الريعي

ومن ناحية أخرى يأتي التضخم على دول وشعوب أخرى، فبالرغم من أن الدول والتي يعد إعتماد إقتصاد بالكلية على النفط كمصدر رئيس، إلا أن هذة الشعوب لا تتأثر كثيراُ بمستويات المعيشة وحياة شعوبها. صحيح أن التضخم الإقتصادي يؤثر على كل شيىء وحتى أشعار النفط والطاقة.

لكن ونظراً لضخامة المردود من العائد على المنتجات النفطية لهذة الدول، فهو يعمل بالتأكيد على الإزدهار والنمو الإقتصادي والتحسن في معيشة المواطنين وحتى في أحلك الظروف. أن أول ما يتأثر بالتضخم الإقتصادي هو تلك الدول والتى تفتقر إلى مصادر النفط.

هذة الشعوب تعتمد على مصادر أخرى بديلة كالموارد والتي تأتي من الزراعة والصناعة والتجارة، إضافة إلى بعض الموارد الطبيعية والتي ربما تفي أو لاتفي بمتطلبات وإحتياجات المواطن.

كيف يتم القضاء على التضخم؟

هناك حلول كثيرة يمكن بها القضاء على التضخم الإقتصادي جذرياً، ولكن لن يتم ذلك مرة واحدة إذ يتطلب الأمر إتخاذ مجموعة من الإجراءات والتي تؤتي أُكلها شيئاً فشيئاً. إليك الأتي:

الإعتماد على الموارد الذاتية

 يأتي إعتماد الشعوب على مواردها الذاتية أول هذة العوامل، فلقد إنغلق الشعب الياباني على نغسه زُهاءَ العشرون عاماً وذلك في أعقاب الحرب العالمية الثنية. إستطاعت اليابان أن تقدم مثالاً ونموذجاُ يًحتذى بِهِ لشعوب ودول العالم أجمع.

فالإعتماد على الموارد الذتية للدولة هو السبيل للخروج من معضلة التضخم الإقتصادي هذة، يأتي ذلك من خلال وضع خطة خمسية للإقتصاد الوطني تبدا في الإستغلال الأمثل للمورد البشري. إن دوران عجلة الإنتاج مرة أخرى وبالإعتماد على سواعد أبناء الوطن يعد نقطة بداية على طريق النجاح.

ومن خلال ذلك تبدأ الدولة في تحقيق فائض للإنتاج يكفي للتصدير، ويطلق على الفائض هذا فائض في الميزان التجاري للدولة. ومن خلال ذلك الفائض تستطيع الحكومة بيع الكثير من السلع والبضائع وبما يوفر العملة الأجنبية، حيث تتمكن الدولة من دعم الإحتياطي النقدي وزيادة الإنفاق على البنية التحتية.

سياسة نقدية رشيدة

• تحسين أحوال المواطن.
• ضبط السوق.
• تحسين القوة الشرائية للعُملة.

أهداف رئيسية تعمل البنوك المركزية على التأسيس لها والبدء في بناء الإقتصاد، حبث يعد البنك المركزي بمثابة الترمومتر ورمانة الميزان لقياس حالة السوق. إن ضبط السوق والعمل على خفض مستوى الأسعار للسلع والمنتجات يعد من القرارات الرشيدة للبنك المركزي.

كيف نتجنب التضخم؟

البنوك العاملة

وتتمثل فى البنوك الحكومية والإستثمارية والتي تعمل داخل الدولة، تلك والتي تعمل جنباً إلى جنب وبما يتوافق وقرارات المركزي وبما يحقق مصلحة المواطن. شهادات الإدخار البنكية والتي تعمل البنوك على إصدارها هى الأخرى تعمل على تحقيق مصالح مشتركة للدولة والأفراد.

جمع السيولة

وذلك من خلال إصدار أوعية إدخارية وكما ذكرنا في السطور السابقة، إذ تهدف الحكومة من إصدار هذة الأدوات الإستثمارية جمع السيولة النقدية وبما يدعم من حالة الإقتصاد الوطني كذلك. تعمل الدولة على تحسين القوة الشرائية للعملة المحلية في مواجهة سلة من العملات الأجنبية.

الرقابة على السوق

أحد أليات الحكومة في فرض الرقابة على الأسواق، هو المتابعة الدورية والحملات المفاجئة من جانب الوزارات والهيئات المعنية والتابعة للدولة. يأتي هذا في إطار الحرص على تحقيق المصلحة العليا للمواطن ومحاربة التضخم الإقتصادي قدر الإمكان.

خلاصة

التضخم اقتصادي، عبارة تتطلب التكاتف من الجميع داخلياً وخارجياً للعبور بالإقتصاد العالم كُل من عُنُق الزجاجة. تعد تلك الفترة مرحلة خطرة من تاريخ الأمم والشعوب، تلك والتي إن لم يقف العالم أمامها لحظة محاسبة وبعقلانية، فلن يتوقع أحد ما الذي سيحدث أو ما هوالمتوقع حدوثه بشأن الإقتصاد.